كتب : مصطفى منيغ
ملك الأردن أحد القلائل العارفين في العمق المسمى بشار الأسد ومن فترة
طويلة ، لذا ما جاء على لسانه من تصريحات تدخل في هذه الخانة ، إن لم نقل أنها أبعد
من ذلك تضع النقط على بعض الحروف كرسالة صريحة موجهة لمن يهمهم الأمر بكل
تفاصيله المؤدية لاختيار السبيل الأوفر
حرصا على انتقاء الأفضل للخروج من الأزمة السورية بسلام . بالتأكيد للملك خبراء
على مستوى عالي من التكوين الأكاديمي والتجربة للتعاطي مع الملفات الشائكة بما
يلزم من تحليلات علمية ترتكز على عنصري الإحصاء بكل مكوناته ومقوماته والمعلومات الصحيحة
حول ما يجري فوق أرض الواقع خطوة خطوة من
حيث المكان ودقيقة بدقيقة إذ للزمن اعتبار لا محيد عنه لأسباب لوجستية صرفة ،
بالتأكيد له ما ذُُكر ومع ذلك يعتمد على نفسه حينما يكون لما يصرح به من ارتباط
وثيق ومستقبل الأردن خاصة في هذا الظرف الذي يتطلب من الملك جهدا غير مسبوق إذ
انضافت للهواجس الكائنة المتربعة وسطها إسرائيل بمحاولتها الرامية إلى دفع
الفلسطينيين للتفكير في الأردن كوطن بديل وما راج في كواليس الموساد حول الموضوع من ترتيبات لا
زالت تراود الفكر الصهيوني للتقدم العملي صوب خوض معارك مهما كان الثمن المُؤَدَّى غاليا لا يطاق،
المهم أن تنصاع المملكة الهاشمية أو التيهان كمصير معلق بمواجهتها حروبا قذرة
لإسرائيل الباع الطويل فيها .
قد يكون لتصريحات الملك الأردني ارتباط بتليين الأجواء كما تريد إسرائيل
حفاظا على بقاء بشار حتى لا يضيع منها كما ضاع حسني مبارك ، على الأقل لمدة ستة
شهور لتتمكن من تنظيم نفسها استعدادا للدور القادم لعبه مع الثوار الجدد وقد آل
أمر حكم سوريا الحرة لهم . إسرائيل ترغب في بقاء حليفها من تحت الطاولة بشار الأسد
لمدة زمنية محددة بالدقيقة في شهور ستة ،حتى
تسترد أنفاسها بعد الإجهاد الملفت للنظر الذي سببه لها الرئيس عباس حينما انتزع
الاعتراف الدولي بفلسطين كدولة ولو بصفة
ما وصف المقام بها في هيأة الأمم المتحدة ، وكان ذلك بمثابة صفعة مدوية على
وجوه حكام بني صهيون وكيانهم منذ استحداثه
إلى الآن ، من تبعياته ما حصل في غزة من تلاحم بين الفلسطينيين وهم يحتفلون بذكرى
منظمة فتح كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني ، الآن تحاول إسرائيل استرجاع ما خسرته
ولن تهدأ حتى تتمكن من ترميم بيتها السياسي كما تفرض عليها ذلك التحولات الطارئة
على المنطقة بفضل عزيمة الأحرار في سوريا العزة والمجد .
ملك الأردن يمسك بمحرار زئبقه لا يقيس نزولا وصعودا حرارة أو برودة المواقف
المعاشة يوميا بالمنطقة وحسب ، وإنما بذكاء يحركه للإبقاء عليه مؤشر توازن حتى لا
تطغى كفة على كفة تنتهي بانفجار يأتي على اليابس والأخضر، ليس من السهل القيام
بمثل العملية لول الحاجة والماسة في دفع العدوى لتظل الأردن في مأمن عن سلبيات
ربيع وروده قبل أن تتفتح لبث شذاها على أنوف المتعطشين لاستنشاق عبير الحرية امتدت
لها أيادي المتصارعين على احتلال كراسي السلطة لتتحول إلى خريف مشوه كما هو حاصل
في مصر حاليا .
... شخصيا أقدر اجتهاد ملك الأردن ، خاصة وهو أقرب حكام المربع القابل لأي
طارئ تسببه طهران . الأقرب من حيث الإمكانات المادية الجد متواضعة ، يكفي الإطلاع
على الموازنة العامة للدولة لنصرح أن أجمل وأقوى ما في الأردن شعبها الأصيل العظيم،
نساء ورجال كقمم الجبال شامخة مهما كان الحال، وهنا تكمن محاسن الاحترام المواجه
به الأردن من الجهات الأربع . على الملك أن يفتخر بهذا أما بشار فإلى اندحار،
بإسرائيل أو الجن الأحمر سيكون الخاسر الأكبر ، سينتصر الثوار ومن يشكك في ذلك مريض للنفس عن
رؤية الحق أعور ، سوريا لا تحيا ربيعا أخضر بل زمنا الكلمة الأخيرة فيه للأحرار
والشهداء الأبرار ، إنها الثورة بكل مسؤولياتها كاختيار ، فعلى العربيات دول
الجوار ، أن تساهم بما استطاعت لمساعدة من غادروا سوريا الأصل والانتساب و الديار،
والتجئوا إليها لكسر الحصار ، وإنها أيام عسر وينتهي مطاف الحزن وهول الدمار،
ساعتها الأردن في أعين العالم ستكبر
( وإلى الجزء الثاني
من المقال )
مصطفى منيغ
مدير نشر ورئيس تحرير جريدة الأمل المغربية
عضو المكتب السياسي لحزب الأمل
صندوق بريد رقم 4613 – الصخيرات – المغرب
البريد الالكتروني :
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire